فمغالطة مكشوفة، لأننا نقول: إن الحديث لم يقل نقيض هذا، وإنما تحدث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف معالجتها، فإذا قال الحديث:" إذا وقع الذباب .. " فلا أحد يفهم، لا من العرب ولا من العجم، اللهم إلا العجم في عقولهم وإفهامهم أن الشرع يبارك في الذباب ولا يكافحه؟
ثالثاً: قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم، من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه بـ " مبعد البكتريا " القاتل للجراثيم. وهذا وإن لم يكن موافقاً لما في الحديث على وجه التفصيل، فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار إليه وأمثاله من اجتماع الداء والدواء في الذباب، ولا يبعد أن يأتي يوم تنجلي فيه معجزة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في ثبوت التفاصيل المشار إليها علميا، {ولتعلمن نبأه، بعد حين}.
وإن من عجيب أمر هذا الكاتب وتناقضه، أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف هذا الحديث، ذهب إلى تصحيح حديث " طهور الإناء الذي يلغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات: إحداهن بالتراب " فقال: " حديث صحيح متفق عليه " فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته، فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم، فكيف جاز له تضعيف هذا وتصحيح ذاك؟! ثم تأويله تأويلا باطلا يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه، لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة، وأن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر!
وهذا تأويل باطل، بين البطلان وإن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه. فلا أدري أي خطأيه أعظم، أهو تضعيفه للحديث الأول وهو صحيح، أم