للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال عليه السلام، وكل من الحديث الأول وهذا الآخر مخرج في صحيح الإمام مسلم (١).

فالراجح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ير ربه، وهو ظاهر قوله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} (الشورى:٥١) وبهذه الآية استدلت السيدة عائشة على رد من يقول بأن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى ربه بعينيه، فقد جاء في الصحيحين من رواية مسروق رحمه الله أنه جاء إلى السيدة عائشة رضي الله عنها فقال لها: يا أم المؤمنين! هل رأى محمد ربه؟ قالت: لقد قف شعري مما قلت، قال: يا أمر المؤمنين! ارحمني ولا تعجلي علي، أليس يقول الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (النجم:١٣ - ١٤) قالت رضي الله عنها: أنا أعلم الناس بذلك، لقد سألت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: «رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله ستمائة جناح .. » رأيت إذًا {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (النجم:١٣) قال: «رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله ستمائة جناح وقد سد الأفق - بعظمته -» فإذًا: الضمير في الآية التي سأل مسروق عائشة عنها إنما يعود إلى جبريل وليس إلى الله تبارك وتعالى.

ولذلك فقد تابعت السيدة عائشة رضي الله عنها كلامها تأكيدًا لجوابها وإفادة للسائل وغيره ببعض ما في جعبتها من علم تلقته من زوجها ونبيها محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت: ثلاث من حدثكموهن فقد أعظم على الله الفرية .. من حدثكم أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، ثم قالت محتجة على ما قالت: {وَمَا كَانَ


(١) (رقم ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>