للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم " العترة " على أنحاء كثيرة بينها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله: " أهل بيتي " ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين وأزواجه ". والوجه الآخر: أن المقصود من " أهل البيت " إنما هم العلماء الصالحون منهم والمتمسكون بالكتاب والسنة، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى: " (العترة) هم أهل بيته - صلى الله عليه وآله وسلم - الذين هم على دينه وعلى التمسك بأمره ". وذكر نحوه الشيخ علي القاريء في الموضع المشار إليه آنفا. ثم استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله: " إن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته الواقفون على طريقته العارفون بحكمه وحكمته. وبهذا يصلح أن يكون مقابلا لكتاب الله سبحانه كما قال: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ".

قلت: ومثله قوله تعالى في خطاب أزواجه - صلى الله عليه وآله وسلم - في آية التطهير المتقدمة: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى في بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}. فتبين أن المراد بـ (أهل البيت) المتمسكين منهم بسنته - صلى الله عليه وآله وسلم -، فتكون هي المقصود بالذات في الحديث، ولذلك جعلها أحد (الثقلين) في حديث زيد بن أرقم المقابل للثقل الأول وهو القرآن، وهو ما يشير إليه قول ابن الأثير في " النهاية ": " سماهما (ثقلين) لأن الآخذ بهما (يعني الكتاب والسنة) والعمل بهما ثقيل، ويقال لكل خطير نفيس (ثقل)، فسماهما (ثقلين) إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما ".

قلت: والحاصل أن ذكر أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث كذكر سنة الخلفاء الراشدين مع سنته - صلى الله عليه وآله وسلم - في قوله: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... ». قال الشيخ القاري (١/ ١٩٩): " فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي، فالإضافة إليهم، إما لعملهم بها، أو لاستنباطهم واختيارهم إياها ". إذا عرفت ما تقدم فالحديث شاهد قوي لحديث " الموطأ " بلفظ: " تركت فيكم أمرين لن

<<  <  ج: ص:  >  >>