ورميها بكل واقعة، بكل جرأة وقلة حياء، مستنداً في ذلك إلى الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد بينت قسما منها في " الضعيفة "(٤٩٦٣ - ٤٩٧٠) مع تحريفه للأحاديث الصحيحة، وتحميلها من المعاني ما لا تتحمل كهذا الحديث الصحيح، فإنه حمله - فض فوه وشلت يداه - على السيدة عائشة رضي الله عنها زاعما أنها هي الفتنة المذكورة في الحديث - {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا}(١) معتمدا في ذلك على الروايتين المتقدمتين:
الأولى: رواية البخاري: فأشار نحو مسكن عائشة ... والأخرى: رواية مسلم: خرج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من بيت عائشة فقال: رأس الكفر من ههنا.
فأوهم الخبيث القراء الكرام بأن الإشارة الكريمة إنما هي إلى مسكن عائشة ذاته، وأن المقصود بالفتنة هي عائشة نفسها! والجواب، أن هذا هو صنيع اليهود الذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه، فإن قوله في الرواية الأولى:" فأشار نحو مسكن عائشة "، قد فهمه الشيعي كما لو كان النص بلفظ:" فأشار إلى مسكن عائشة "! فقوله: " نحو " دون " إلى " نص قاطع في إبطال مقصوده الباطل، ولاسيما أن أكثر الروايات صرحت بأنه أشار إلى المشرق. وفي بعضها العراق. والواقع التاريخي يشهد لذلك. وأما رواية عكرمة فهي شاذة كما سبق، ولو قيل بصحتها، فهي مختصرة جدًّا اختصاراً مخلاًّ، استغله الشيعي استغلالاً مرًّا، كما يدل عليه مجموع روايات الحديث، فالمعنى: خرج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من بيت عائشة رضي الله عنها، فصلى الفجر، ثم قام خطيباً إلى جنب المنبر (وفي رواية: عند باب عائشة) فاستقبل مطلع الشمس، فأشار بيده، نحو المشرق. (وفي رواية للبخاري: نحو مسكن عائشة) وفي أخرى لأحمد: يشير بيده يؤم العراق.