للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باطنه: يحجون عني بعد موتي! بل إن ثمة ما هو أضر من ذلك، وهو القول بوجوب إسقاط الصلاة عن الميت التارك لها! فإنه من العوامل الكبيرة على ترك بعض المسلمين للصلاة، لأنه يتعلل بأن الناس يسقطونها عنه بعد وفاته! إلى غير ذلك من الأقوال التي لا يخفى سوء أثرها علي المجتمع، فمن الواجب على العالم الذي يريد الإصلاح أن ينبذ هذه الأقوال لمخالفتها نصوص الشريعة ومقاصدها الحسنة.

وقابل أثر هذه الأقوال بأثر قول الواقفين عند النصوص لا يخرجون عنها بتأويل أو قياس تجد الفرق كالشمس؛ فإن من لم يأخذ بمثل الأقوال المشار إليها لا يعقل أن يتكل على غيره في العمل والثواب، لأنه يرى أنه لا ينجيه إلا عمله، ولا ثواب له إلا ما سعى إليه هو بنفسه، بل المفروض فيه أن يسعى ما أمكنه إلى أن يخلف من بعده أثرًا حسنا يأتيه أجره، وهو وحيد في قبره، بدل تلك الحسنات الموهومة، وهذا من الأسباب الكثيرة في تقدم السلف وتأخرنا، ونصر الله إياهم، وخذلانه إيانا، نسأل الله تعالى أن يهدينا كما هداهم، وينصرنا كما نصرهم.

خامساً: ما خلَّفه من بعده من آثار صالحة وصدقات جارية، لقوله تبارك وتعالى: {ونكتب ما قدموا وآثارهم}، وفيه أحاديث:

الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله (١) إلا من ثلاثة [أشياء]،إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو


(١) أي فائدة عمله وتجديد ثوابه، قال الخطابى في "المعالم": "فيه دليل على أن الصوم والصلاة وما دخل في معناهما من عمل الأبدان لا تجري فيها النيابة وقد يستدل به من يذهب إلى أن من حج عن ميت فإن الحج في الحقيقة للحاج دون المحجوج عنه، وإنما يلحقه الدعاء، ويكون له الأجر في المال الذي أعطى إن كان حج عنه بمال ". [منه]

<<  <  ج: ص:  >  >>