" أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام ابن العاص نحر حصته خمسين بدنة، وأن عمراً سأل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن ذلك؟ فقال " فذكره.
والحديث دليل واضح على أن الصدقة والصوم تلحق الوالد ومثله الوالدة بعد موتهما إذا كانا مسلمين ويصل إليهما ثوابها، بدون وصية منهما. ولما كان الولد من سعي الوالدين، فهو داخل في عموم قوله تعالى:{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} فلا داعي إلى تخصيص هذا العموم بالحديث وما ورد في معناه في الباب، مما أورده المجد ابن تيمية في " المنتقى " كما فعل البعض.
واعلم أن كل الأحاديث التي ساقها في الباب هي خاصة بالأب أو الأم من الولد، فالاستدلال بها على وصول ثواب القرب إلى جميع الموتى كما ترجم لها المجد ابن تيمية بقوله " باب وصول ثواب القرب المهداة إلى الموتى " غير صحيح لأن الدعوى أعم من الدليل، ولم يأت دليل يدل دلالة عامة على انتفاع عموم الموتى من عموم أعمال الخير التي تهدى إليهم من الأحياء، اللهم إلا في أمور خاصة ذكرها الشوكاني في " نيل الأوطار "(٤/ ٧٨ - ٨٠)، ثم الكاتب في كتابه " أحكام الجنائز وبدعها " .. ، من ذلك الدعاء للموتى فإنه ينفعهم إذا استجابه الله تبارك وتعالى. فاحفظ هذا تنج من الإفراط والتفريط في هذه المسألة، وخلاصة ذلك أن للولد أن يتصدق ويصوم ويحج ويعتمر ويقرأ القرآن عن والديه لأنه من سعيهما، وليس له ذلك عن غيرهما إلا ما خصه الدليل مما سبقت الإشارة إليه. والله أعلم.