للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركين كانوا يعبدون الصالحين ولذلك اتخذوهم وسائط بينهم وبين الله تعالى قائلين: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.

ولاعتقادهم بصلاحهم كانوا ينادونهم ويعبدونهم من دون الله توهما منهم أنهم يسمعون ويضرون وينفعون, ومثل هذا الوهم لا يمكن أن يقع فيه أي مشرك مهما كان سخيف العقل لو كان لا يعتقد فيمن يناديه الصلاح والنفع والضر كالحجر العادي مثلاً, وقد بين هذا العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فقال في كتابه " إغاثة اللفهان " (٢/ ٢٢٢ - ٢٢٣):

وتلاعب الشيطان بالمشركين في عبادة الأصنام له أسباب عديدة, تلاعب بكل قوم على قدر عقولهم؛ فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم كما تقدم عن قوم نوح عليه السلام ولهذا لعن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المتخذين على القبور المساجد, ونهى عن الصلاة إلى القبور (١) - صلى الله عليه وآله وسلم -. . فأبى المشركون إلا خلافه في ذلك كله إما جهلاً وإما عناداً لأهل التوحيد ولم يضرهم ذلك شيئا. وهذا السبب هو لغالب على عوام المشركين.

وأما خواصهم فإنهم اتخذوها - بزعمهم - على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجاباً وحجباً وقرباناً ولم يزل هذا في الدنيا قديماً وحديثاً (ثم بين مواطن بيوت هذه الأصنام وذكر عباد الشمس والقمر وأصنامهم وما اتخذوه من الشرائع حولها ثم قال ٢/ ٢٢٤): فوضع الصنم إنما كان في الأصل على شكل معبود غائب, فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته ليكون نائباً منابه وقائماً مقامه, إلا فمن المعلوم أن عاقلاً لا ينحت خشبة


(١) انظر كتابي: " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>