للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما لو أن الباحث بحث بحثاً خاصاً في هذا الحديث فيسجد له طرقاً أخرى, وهذه الأحاديث الثلاثة كلها أحاديث صحيحة الأسانيد فلا تُرد بمجرد دعوى التعارض مع القران الكريم.

ثانياً: من الناحية التفسيرية: فإن هذا الحديث قد فسره العلماء بوجهين اثنين:

الوجه الأول:

أن هذا الحديث إنما ينطبق على الميت الذي كان يعلم في قيد حياته أن أهله بعد موته سيرتكبون مخالفات شرعية, ثم لم ينصحهم ولم يوصهم أن لا يبكوا عليه؛ لأن هذا البكاء يكون سبباً لتعذيب الميت.

و" ال " التعريف في لفظ " الميت " هنا ليست للاستغراق والشمول, أي: ليس الحديث بمعنى أن كل ميت يُعذب ببكاء أهله عليه, وإنما " ال " هنا للعهد, أي: الميت الذي لا ينصح بألا يرتكبوا بعد وفاته ما يخالف الشرع, فهذا الذي يعذب ببكاء أهله عليه, أما من قام بواجب النصيحة, وواجب الوصية الشرعية بألا ينوحوا عليه, وألا يأتوا بالمنكرات التي تُفعل خاصة في هذا الزمان, فإنه لا يُعذب وإذا لم يُوص ولم يَنصح عُذب.

هذا التفصيل هو الذي يجب أن نفهمه من التفسير الأول لكثير من العلماء المعروفين والمشهورين؛ كالنووي وغيره, وإذا عرفنا هذا التفصيل, وضح ألا تعارض بين هذا الحديث وبين قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (فاطر١٨) , إنما يظهر التعارض فيما لو فُهم أن " ال " في لفظ " الميت " إنما هي للاستغراق والشمول, أي: كل ميت يُعذب, حينئذٍ يُشكل الحديث ويتعارض مع الآية الكريمة, أما إذا عرفنا المعنى الذي ذكرناه آنفا, فلا تعارض ولا إشكال, لأن الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>