للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس بكاء دمع، فمن كان بهذه المثابة ممن سيبكى عليهم فعليهم أن ينصحوا وأن يذكروا، فإن فعلوا ذلك لم يشملهم الحديث؛ لأنهم قاموا بالواجب، هذا هو التأويل الذي ذهب إليه الجماهير من العلماء، وهو الذي لا نرى له بديلاً، أما شيخ الإسلام رحمه الله فذهب إلى تأويل آخر، فقال: العذاب هنا ليس من عذاب النكال الذي يعذبه الإنسان في الآخرة أو في القبر، وإنما هو من باب السفر قطعة من العذب، فهذا مسافر لا يعذب بشيء يأتيه من غيره، وإنما هو بشيء نابع من نفسه، أي أن هذا الميت حينما يبكي أهله عليه يأسف على بكائهم عليه ويأسى، فإذاً العذاب هنا بمعنى الحزن، ليس بمعنى العذاب النكال، كان يمكن أن يقبل

من شيخ الإسلام هذا التأويل الناعم الجميل لولا زيادة استفدناها من حديث المغيرة بن شعبة حيث قال: الميت يعذب ببكاء أهله عليه يوم القيامة، فهذه الزيادة اضطرتنا أن نرجع إلى التأويل الأول.

هذا الذي أحببت أن أذكر به .. الميت لا يعلم بحال أهله.

الشيخ: هو هذا صحيح.

مداخلة: أي نعم.

الشيخ: أنا قلت هذا في بعض الكتابات، أن يقال أن الميت بالمعنى الذي ذكره ابن تيمية، معناه أن الميت عنده إحساس وعنده شعور من قريب ومن بعيد، الميت دفن مثلاً كما يقع اليوم مع الأسف كان مستوطناً في بلاد الكفر فدفن هناك، وأهله يبكون هنا، شو عرفه، بل شو عرفه لو بكوا حول قبره، انقطعت العلاقة بينه وبين الدنيا إطلاقاً، فهذا التأويل وهذا ليس بعيداً حقيقة عن مذهب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم؛ لأنهم يتوسعون في هذه الناحية، وهذا من توسعهم جاءهم، وهم يصرحون بأن الميت يحس بما قد يقع من حوله أو من أهله أو نحو ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>