في عصمة منه، فسيأتي في الفقرة (٢٥ - أبو أمامة، ٣٠ - السياق) أن الدجال - عليه لعائن الله - حين يأتي المدينة النبوية وتمنعه الملائكة من دخولها؛ ترجف بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه.
فهؤلاء المنافقون والمنافقات - وقد يكون نفاقهم عمليًّا - لم يَعْصِمْهُمْ من الدجال سكنهم المدينة النبوية؛ بل خرجوا إليه، وصاروا من أتباعه كاليهود! وعلى العكس من ذلك؛ فمن كان فيها من المؤمنين الصادقين في إيمانهم؛ فهم مع كونهم في عصمة من فتنته؛ فقد يخرج إليه بعضهم متحدياً وينادي في وجهه: هذا هو الدجَّال الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يحدثنا حديثه ... كما سيأتي في الفقرة (٣١ - السياق).
فالعبرة إذن بالإيمان والعمل الصالح، فذلك هو السبب الأكبر في النجاة، وأما السكن في دار الهجرة وغيرها؛ فهو سبب ثانوي، فمن لم يأخذ بالسبب الأكبر؛ لم يفده تمسكه بالسبب الأصغر، وقد أشار إلى هذا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله للذي سأله عن الهجرة:
"ويحك! إن شأن الهجرة لشديد! فهل لك من إبل؟ ". قال:"فهل تؤتي صدقتها؟ ". قال: نعم. قال:"فاعمل من وراء البحار، فإن الله لن يَتِرَك من عملك شيئاً"(١).
وما أحسن ما روى الإمام مالك في "الموطأ"(٢/ ٢٣٥) عن يحيى بن سعيد: