كثير من المعاصرين الذين يدعون الإصلاح، وجدوا عامة المسلمين يتكؤون في العمل الإسلامي، وبعبارة أوضح: في ترك العمل للإسلام يقولون: ما في فائدة للعمل إلا حينما يخرج المهدي أو ينزل عيسى عليه السلام، هكذا يعتقد كثير من الناس أي: وصلوا إلى مرتبة اليأس التي لا يجوز للمسلم أن يقع فيها؛ لأنه {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون}(يوسف:٧٨) في القرآن الكريم.
فلما وجد بعض المصلحين هذا اليأس مسيطراً على جماهير المسلمين، وجدوا أن سبب هذا اليأس هو إيمانهم بنزول عيسى وخروج المهدي، فظنوا أن الإصلاح يكون بإنكار هاتين العقيدتين الصحيحتين بأن يقول للناس: يا جماعة اعملوا فعقيدة نزول عيسى عليه السلام ما هي ثابتة بالطريق اليقين وهم مخطئون أشد الخطأ، اعملوا فإن خروج المهدي هذا عقيدة شيعية وهي غير صحيحة، كذلك هم في ذلك مخطئون، فقلنا مراراً وتكراراً وكتبنا شيئاً من هذا المعنى في بعض المؤلفات قلنا: لا يكون الإصلاح على هذا المنوال، وعلى هذا المنهاج في إنكار الأحاديث الصحيحة وما بني عليها من عقيدة؛ لأن هذا المنهج الاستمرار عليه سيؤدي بأصحابه إلى الاعتزال الماضي قديماً، ذلك؛ لأن المعتزلة أنكروا ما هو أخطر من عقيدة عيسى عليه السلام، والمهدي ما الذي أنكروه؟ أنكروا القدر، فقالوا: لا قدر مع أن القدر ثابت في الكتاب والسنة، وهي عقيدة كما تعلمون جميعاً: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره قالت المعتزلة: لا قدر فنحن إذا درسنا ما الذي حمل المعتزلة وهم بطبيعة الحال ليسوا كفاراً ليسوا مرتدين عن دين الإسلام كل ما نستطيع أن نقول عنهم: إنهم مسلمون ضالون؛ لأنهم أنكروا حقائق شرعية منها: إنكارهم للقدر الإلهي لكننا إذا درسنا السر في