للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول أهل العلم: يعني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بهذا الحديث الأسرى الذين يقعون في أيدي المسلمين فيجرونهم مغللين في السلاسل إلى بلاد الإسلام، وهناك يوزعون حسب التقسيم الشرعي للمكاسب والغنائم على الغانمين، فيدخلون بيوت المسلمين وهم بعد أن كانوا مغللين يصبحون شبه أحرار، أقول شبه؛ لأنهم في الواقع من حيث حرية العمل حتى بقاء أحدهم على دينه الباطل كانوا أحراراً، لكنهم لا يزالون أرقاء، إلا أن الله عز وجل بما أوحى إلى نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - من الأحكام التي وجهها إلى أتباعه عليه السلام من العناية والوصاية الطيبة بالأسرى وبالعبيد صار هؤلاء العبيد كأنهم أحرار، وحسبكم في هذا الصدد دلالة قوله عليه السلام: «أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون» إلى آخر الحديث الذي لا أذكره الآن بتمامه، الشاهد أن هؤلاء الأسرى دخلوا حياة جديدة غير الحياة التي كانوا يحيونها وهم أحراراً دخلوا حياة جديدة وهم عبيد، ولكنهم في حياتهم خير مما كانوا عليه وهم كانوا أحراراً، ذلك لأنهم تداخلوا مع المسلمين في بيوتهم، في أسواقهم، في مساجدهم .. فعرفوهم وعرفوا أخلاقهم، وعرفوا تأثير دينهم في تربيتهم عن كثب وعن قرب، فتجلى لهم عملياً ما هو دين الحق فآمنوا غير مكرهين، وآمنوا بقلوبهم بوازع من شخصهم وليس كأولئك الذين يؤمنون رغم أنوفهم إما خلاصاً من القتل إذا ما وقفوا أمام الدعوة الإسلامية، أو خلاصاً من دفع الجزية عن يد وهم صاغرون .. أما هؤلاء قد أسلموا طواعية وبإخلاص من قلوبهم ودخلوا في الإسلام ولا شك أن من دخل في الإسلام دخل الجنة بسلام إلى هذه الحقيقة -التي لو أراد الإنسان أن يشرحها شرحاً مبسطاً موسعاً لكان من ذلك كتاب-، إلى هذه الحقيقة أشار عليه السلام في الحديث السابق: «إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة في السلاسل» فإذاً الأسباب التي تكون مشروعة فهي

<<  <  ج: ص:  >  >>