للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفاد، ولا ريب أن من قال هذا القول: عمر ومن نقله عنه إنما أراد بذاك جنس أهل النار الذين هم أهلها.

فأما قوم أصيبوا بذنوب فأولئك قد علم هؤلاء وغيرهم بخروجهم منها، وأنهم لا يلبثون فيها قدر عدد رمل عالج ولا قريبا من ذلك، والحسن كان يروي حديث الشفاعة في أهل التوحيد وقد ذكره البخاري ومسلم عنه وكذلك حماد بن سلمة كان يجمعها ويحدث الناس بها وكذلك سليمان بن حرب وأمثاله فهذا عندهم لا يقال فيه مثل هذا ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين بل يختص بمن عداهم كما قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:

«أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون» (١) وقوله: "يخرجون فيه" أي يخرجون من جهنم بعد أن يفنى عذابها، وينفد وينقطع، فهم لا يخرجون منها بل هم خالدون في جهنم كما أخبر الله، لكن انقضى أجلها وفنيت كما تفنى الدنيا فلم يبق فيها عذاب، وذلك أن العالم لا يعدم، وجهنم في الأرض، والأرض لا تعدم بالكلية لكن فناؤها بتغير حالها واستحالتها من حال إلى حال قال تعالى: {كل من عليها فان} (٢) وهم لا يعدمون بل يموتون ويهلكون وكما قال تعالى {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} (٣) فإذا أنفذه الرجل فقد نفد ما عنده وإن كان لم يعدم بل انتقل من حال إلى حال". انتهى. وقال فيها أيضاً:

" والفرق بين بقاء الجنة والنار عقلاً وشرعاً أما شرعاً فمن وجوه:


(١) أخرجه مسلم وغيره وهو مخرج في " سلسلة الأحاديث الصحيحة" (١٥٥١).وانطر مختصر صحيح مسلم" رقم (٧٨). [منه].
(٢) سورة الرحمن الآية (٢٦). [منه].
(٣) سورة النحل الآية (٩٦). [منه]

<<  <  ج: ص:  >  >>