للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خير الجزاء على جهده القيم.

أقول هذا بياناً للحقيقة، وإلا فأنا أعلم أن هذا اللقب وغيره مما هو مستعمل اليوم لم يكن معروفاً عند السلف، فالخير كله في الاتباع، ولا سيما وقد صار مبتذلاً في العصور المتأخرة، بحيث أنهم يطلقونه نفاقاً ورياء على من لا علم عنده، بل هو ممن يصدق عليه المثل الشهير:"لا في العير ولا في النفير".

ولعل من ألطاف الله تعالى بالشيخين رحمهما الله تعالى أننا لم نر أحداً - فيما اطلعنا - تبعهما على ذلك القول بالفناء، فهذا شارح العقيدة الطحاوية مثلا فإنه مع كونه لا يكاد يخرج فيه عما ذهب إليه ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإنه ههنا ذكر أدلة هذا القول، ثم ذكر أدلة القول الآخر وهي ملخصة من كلام ابن القيم، ولم يرجح شيئاً منهما، ذكر ذلك تحت قول الطحاوي المتقدم: " والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان ".

وأما العلامة السفاريني فقد رأيته تعرض للموضوع في كتابه " شرح الدرة المضية في عقد الفرق المرضية " ونقل فيه طرفاً من بحث ابن القيم، ولكنه صرح بمخالفته، فإنه ذكر بعض الآيات المستلزمة لدوام العذاب وحديث ذبح الموت المتقدم ثم قال (٢/ ٢٣٤ - ٢٣٥):

"فثبت بما ذكرنا من الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة خلود أهل الدارين خلوداً مؤبداًّ، كل بما فيه من نعيم وعذاب أليم، وعلى هذا إجماع أهل السنة والجماعة، فأجمعوا أن عذاب الكفار لا ينقطع كما أن نعيم أهل الجنة لا ينقطع، وقد ألف العلامة مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي رسالة سماها " توقيف الفريقين على خلود أهل الدارين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>