للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه فيها في الكتاب إن شاء الله تعالى، ولكن ذلك لا ينفي ميله إلى ترجيحه إياه، وإلا كانت دندنته {كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} وهذا مما لا يليق أن يقال في مثله كما لا يخفى، ويؤيد هذا أن خاتمته للبحث في " شفاء العليل " التي أشرت إليها آنفا أقوى في الدلالة على ما ذكرت فإنه قال ما خلاصته (ص ٢٦٤): "وأنا في هذه المسألة على قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه ذكر دخول أهل الجنة. . . والقول بأن النار وعذابها دائم بدوام الله خبر عن الله بما يفعله، فإن لم يكن مطابقا لخبره عن نفسه بذلك، وإلا كان قولا عليه بغير علم، والنصوص لا تفهم ذلك. والله أعلم ".

قلت: فقوله: " والنصوص لا تفهم ذلك " صريح منه بأنه لا يختار القول ببقاء النار، فهو إذن يميل إلى القول بفنائها، غير أنه لا يقطع بذلك لأنه يشعر أنه ليس لديه دليل قاطع فيه، وإنما هو فهمه واستنباطه، ولذلك ترك فيها مجالاً للأخذ والرد كما هو شأن العلماء المنصفين الذين لا يفرضون رأيهم على الآخرين، لا سيما في مثل هذا الفهم الذي أجمع العلماء على خلافه ومما يؤكد ذلك قوله في خاتمة بحثه في " الصواعق ":

". . . فتأمل هذا الوجه حق التأمل، وأعطه حقه من النظر، واجمع بين ذلك وبين معاني أسمائه وصفاته، وما دل عليه كلام الله وكلام رسوله، وما قاله الصحابة ومن بعدهم، ولا تبادر إلى القول بلا علم، ولا إلى الإنكار، فإن أسفر لك صبح الصواب، وإلا فرد الحكم إلى ما رده الله إليه بقوله {إن ربك فعال لما يريد} وتمسك بقول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، وقد ذكر دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ووصف حالهما ثم قال: ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء".

ولكني ألاحظ في هذا النص أنه يأمر فيه من لم يتبين الصواب أن ينهي إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>