للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: قد فاته - عفا الله عنا وعنه - قوله تعالى في (ق: ٢٧ - ٢٩) {قال قرينة ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد. قال لا تختصموا لذي وقد قدمت إليكم بالوعيد. ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد}.

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عقبه (١٤/ ٤٩٨): " وهذا يقتضي أنه صادق في وعيده أيضاً، وأن وعيده لا يبدل، وهذا مما احتج به القائلون بأن فساق الملة لا يخرجون من النار، وقد تكلمنا عليهم في غير هذا الموضع، لكن هذه (١) الآية يضعف جواب من يقول: أن إخلاف الوعيد جائز فإن قوله: {ما يبدل القول لدي} بعد قوله: {وقد قدمت إليكم بالوعيد} دليل على أن وعيده لا يبدل كما لا يبدل وعده".

رابعًا: حديث أنس المذكور إسناده ضعيف كما كنت بنيته في " الأحاديث الصحيحة " (٢٤٦٣) وعلى فرض ثبوته فهو بمعنى قوله تعالى: [إن الله لا يفغر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء] وما في معناها من الأحاديث، أي: أن الحديث في الموحدين وليس في المشركين، فهؤلاء مستثنون من المغفرة بهذه الآية وغيرها.

وإلى هذا أشار العلامة المرتضى اليماني بقوله في " إيثار الحق على الخلق " (ص ٣٨٩): "والحق أن الله لا يخلف الوعيد إلا أن يكون استثنى فيه ". وهذا مما يشعر به قول ابن تيمية نفسه في " مجموع الفتاوى " (٢٤/ ٣٧٥) فإنه قال: "وأحاديث الوعيد يذكر فيها السبب، وقد يتخلف موجبه لموانع تدفع ذلك إما بتوبة مقبولة، وإما بحسنات ماحية، وإما بمصائب مكفرة، وإما بشفاعة شفيع


(١) كذا، ولعل صوابها: بهذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>