القدم فقال قولاً لم يسبق إليه ولا قام الدليل عليه ومن هنا قالوا:" زلة العالم زلة العالمَ " فلو أننا كنا مبتلين بتقليده كما ابتلي كل مقلد بتقليد إمامه، لزللنا بزلته ولذلك قالوا:" الحق لا يعرف بالرجل، اعرف الحق تعرف الرجال ".
فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
الثانية: بطلان الخرافة التي يطلقها اليوم كثير من الكتاب الإسلاميين المعاصرين وفيهم بعض من يُجِلُّون شيخ الإسلام ابن تيمية: أن الخلاف في الفروع وليس في الأصول.
وقد يسارع بعض الجاحدين لعلم شيخ الإسلام وفضله، الحاقدين عليه لرده على أهل الأهواء والمبتدعة المبغضين له لإخلاصه في الدعوة لاتباع الكتاب والسنة، فيقول: إنما الخلاف في الأصول من ابن تيمية وأمثاله المخالفين للجمهور، والمثال أمامك.
فأقول: كذبت والله؛ فإن الخلاف المذموم إنما يكون من المصرين عليه بعدما تبين لهم الحق كما في قوله تعالى:{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}.
والشيخ رحمه الله لم يُعرف يوماً بالإصرار على الخطأ مهما كان نوعه، بدليل رجوعه عن كثير من آرائه التي كان عليها بعدما تبين له الحق، وقد ذكرنا فيما سبق نماذج منها، وأما خلافه في هذه المسألة فهي زلة منه بلا شك يغفرها الله له إن شاء الله تعالى، كفاه جهاده في سبيل الله إلى آخر رمق من حياته، حتى توفي في سجن دمشق مظلوماً بعيداً عن أهله وتلامذته وكتبه، ولغير ذلك من الأسباب التي سبق التحدث عنها.