فهنا نجد أن تقوى الله سخرت له السماء، وذاك الآخر سخر الله له البحر حينما جاء الأجل بوفاء الدين، ولم يستطع الوفاء، فأخذ خشبة ودك فيها مائة دينار، وجاء إلى ساحل البحر وقال بكل بساطة وبكل دروشة وهو بلا شك نحن اليوم صحيح مسلمين لكن غلبت علينا المادة من جهة، وضعف الإيمان بالغيب من جهة أخرى، لا نكاد نصدق بمثل هذه القصة، وهي في صحيح البخاري ونعتبر أنه هذا الإنسان ما هو طبيعي عقله، وأنا أشهد أيضاً كذلك، بل هو نفسه يشهد بأنه حينما اتصل مع صاحبه الدائن له تجاهل ما فعل كما تعلمون، تجاهل لماذا؟ لأنه إنسان عاقل عقله معه، يأتي وقد حشا مائة دينار في شعفة خشبه وما ندري طريق الدك يمكن تجيء موجة تضربها ويروح الدنانير كله لقاع البحر، رمى الخشبة وقال: يا رب أنت كنت الكفيل وأنت كنت الشهيد ورماها، وربنا عز وجل قادر على كل شيء، أمر الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة إلى البلدة التي فيها الدائن، وقد خرج لاستقبال المدينة في اليوم الموعود ما جاء الرجل، لكن الخشبة تتقاذفها الأمواج بين يديه فمد يده إليها، وإذا هي ليست خشبة كالخشبات، أخذها إلى الدار ولما كسرها انهارت بين يديه مائة دينار ذهب أحمر، استغرب الرجل وسرعان ما عاد إليه المدين هنا يظهر للمدين عارف حاله أنه عامل دروشة عامل عمل غير منطقي، فمد يده ودفع له مائة دينار؛ لأنه افترض أن المائة الدينار تلك ما راح توصل، عمل غير طبيعي هنا كما يقولون اليوم ما وراء الطبيعة.
في الحقيقة القصة تعطينا عبر عظيمة جداً إن الطيور على أشكالها تقع، كلاهما قلوبهم صافية سواءً الدائن أو المدين، كان باستطاعة الدائن أن يأكل المائة الدينار ولا رقيب ولا عتيد، ولم يقل له أعطيه لك بواسطة البريد المستعجل كلام فاضي هذا، من أين يشهد؟ لكن هو مضطر أن الله عز وجل يعرف قال: والله أنا