للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية؟ وهذا في الحقيقة من دقائق علم التفسير التي يدندن حولها شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله.

إرادة الله في آياته تحمل معنيين: أحدهما معنى عام شامل لكل شيء والآخر معنى خاص ليس شاملاً لكل شيء.

الأول العام يشمل الخير والشر، يشمل الإيمان والكفر، كل شيء.

الثاني خاص بما يحبه الله، بما يرضاه، بما شرعه لعباده. فلما تساءلنا عن قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء:٢٣) كان الجواب قضى هنا بمعنى: أراد إرادة شرعية، أي: حكم كذا وكذا أن يعبد الله وحده وبالوالدين إحساناً، لكن كون الله حكم بشيء شيء، وكون هذا الحكم سيقوم به الناس كل الناس أو بعض الناس هذا شيء آخر.

وكواقع هذا القضاء، هذا الحكم الإلهي في الآية: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (الإسراء:٢٣) مُشَاهَد ما يحتاج إلى شرح، منهم من حقق هذا الحكم الشرعي ومنهم من لم يحققه، فالناس إذاً تجاه هذه الآية كهم تماماً تجاه كل الآيات التشريعية قسمين، فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

هؤلاء القسمين داخلين في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس:٨٢) بمعنى: أن كفر الكافر لا يقع رغم إرادة الله بل هذا من إرادة الله فضلاً عن إيمان المؤمن لا يقع رغم إرادة الله بل كل ذلك بإرادة الله، فهذا معنى كون الإرادة في قوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس:٨٢) فهذه الإرادة تشمل كل شيء إطلاقاً وهي الإرادة الكونية وليست هي الإرادة الشرعية.

أما الإرادة الشرعية فهي خاصة بما شرعه الله ورضيه لعباده. أي نعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>