السابقة:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} أي: الجنة. {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل:٥ - ١٠]، وكما أن رجلاً لا أقول مسلماً، وكما أن رجلاً عاقلاً لا يستطيع أن يقول: أنا أترك أسباب الصحة، وأترك أسباب القوة والسعادة الدنيوية بحجة أنه إن كان الله مقدر لي الصحة والسعادة الدنيوية ستأتيني هذه السعادة ولو أنا ما اتخذت سبب من الأسباب، لا أحد يقول بهذا.
والآن تجد الناس الأشقياء الفاسدين سلوكاً وأخلاقاً يأخذون بأسباب السعادة الدنيوية والصحة البدنية؛ لأنهم يعلمون يقيناً أن هذه الصحة لا بد لها من اتخاذ الأسباب، كذلك يقال تماماً بالنسبة للسعادة الأخروية، إذا المسلم يريد أن يكون سعيداً فعلاً فعليه أن يضع نصب عينيه الآية السابقة:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل:٥ - ١٠].
إذاً: الحديث الأول والثاني على ظاهرهما تماماً.
«من أحب أن ينسأ له في أجله ويوسع له في رزقه فليصل رحمه» أي: صلة الرحم سبب شرعي لسعة الرزق وطول العمر، لكن النتيجة مخبأة عنا وغير معلومة لدينا كالسعادة والشقاوة تماماً، لكن كما أن السعادة والشقاوة لها أسباب، كذلك طول العمر وسعة الرزق لها أسباب، لا فرق بين هذه الأسباب وبين تلك الأسباب، ويكفي في إثبات أثر السببية في السعادة الأخروية أن نتذكر قول الله تبارك وتعالى:{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(النحل:٣٢) هذه الباء هنا سببية، يعني: بسبب عملكم الصالح وأعظم الأعمال الصالحة هي الإيمان كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سأله رجل قال: عن أفضل الأعمال؟ قال: الإيمان