له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلنيها! فيقول: يا ابن آدم! ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب! أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ - فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ - فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر. (وفي رواية: قدير).
[قال الإمام]:
(تنبيه): دل قوله تعالى في آخر الحديث: " ولكني على ما أشاء قادر أو قدير " على خطأ ما جاء في التعليق على " العقيدة الطحاوية "(ص ٢٠) نقلا عن بعض الأفاضل: "يجيء في كلام بعض الناس: وهو على ما يشاء قدير، وليس بصواب .. ". فأقول: بل هو عين الصواب بعد ثبوت ذلك في هذا الحديث، لاسيما ويشهد له قوله تعالى:{وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}(الشورى: ٢٩) وذلك لا ينافي عموم مشيئته وقدرته تعالى كما توهم المشار إليه، والله أعلم.