{مَا فَرَّطْنَا في الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}(الأنعام:٣٨) أي: اللوح المحفوظ، فالناس اليوم ينكرون هذه الكتابة ويتوهمون شيئاً آخر وهو الذي وقع فيه المعتزلة: أن القدر الإلهي هو العلم الإلهي، بينما القدر ليس هو العلم الإلهي كالكتابة، القدر مشتق من التقدير من تفصيل كل شيء ووضعه في مكان لائق به، فالقدر الإلهي هو فعل الإله عز وجل، لكن حسب العلم الإلهي الأزلي.
كذلك الكتابة، كتب كل شيء في اللوح المحفوظ كما جاء في الحديث الصحيح:«لما خلق الله القلم، أو أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة»(١) هذه عقيدة المسلمين كافة، إلا المعتزلة يقولون: لا قدر، لا كتابة. إذاً: ليس فقط إلا العلم الإلهي.
الحقيقة أنهم حينما يؤمنون بالعلم الإلهي من جهة يجعلهم في دائرة الإسلام، لكن من جهة يخرجون عن الإيمان - كما قلنا آنفاً - بعض الخروج بإنكارهم التقدير الإلهي والتسطير الإلهي والكتابة الإلهية.
لكن من عجائب عقولهم: أنهم ما استفادوا شيئاً من تعطيل هذه النصوص التي قصدوا بهذا التعطيل تخليص جماهير الجبريين من الجبر، ما استفادوا شيئاً، لماذا؟ لأن الذي قدره الله وفق علمه ولأن الذي كتبه الله هو وفق علمه، فإذاً بزعمهم الجبر لا يزال ملازماً لهذا الإنسان المخلوق.
إذا رفعنا الآن من أذهاننا كما يريد المعتزلة لا كتابة ولا قدر، طيب. ألم يسبق في علم الله أن فلاناً من أهل النار؟ مثلاً: أن إبليس هو في أسفل الدرك من النار؟