للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا رب إلا الله لم يكن موحداً هذه نقطة الفصل بين المسلمين حقاً وبين الآخرين؛ المسلم يوحد الله عز وجل في ذاته ويوحده في عبادته بينما الآخرون من اليهود والنصارى يوحدونه في ذاته إلا من ضل منهم ضلالاً بعيدا ولكنهم يعبدون معه سواه. لهذا يجب على المسلمين جميعاً أن يعرفوا أولاً هذا المعنى الحقيقي لكلمة لا إله إلا الله وأنها لا تعني لا رب إلا الله فقط، وإنما تعني إضافةً على ذلك أنه لا معبود مع الله أيضاً بحق وكلمة بحق هي احتراز من إنكار أن هناك معبودات في الأرض قديماً وحديثاً يعبد من دون الله تبارك، وتعالى فلا يجوز أن يقال لا معبود إلا الله لأن المعبودات كثيرة وكثيرة جداً لكن إنما يصح التفسير بقيد (بحق) لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى، وإلا قد عُبِدَت اللات والعزى، وعُبِدَت الطواغيت حتى الآن، فكيف يستطيع المسلم أن يقول لا معبود إلا الله؟ لا؛ المعبودات موجودة بكثرة ولكنها بالباطل، والمعبود بحق إنما هو الله تبارك وتعالى.

كذلك بالإضافة إلى هذين النوعين من التوحيدين توحيد الربوبية وتوحيد العبادة أو الألوهية، هناك توحيد ثالث به يتم التوحيد، وبه تقبل شهادة الموحد لا إله إلا الله، وإلا فهي مردودة عليه ما هو هذا التوحيد الثالث؟: توحيد الله في صفاته فكما أنه عز وجل واحد في ذاته وواحد في ألوهيته فهو واحد أيضاً في صفاته لذلك قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشُّورى: ١١) هذه الدعوة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وعرفها السلف الصالح والأئمة جميعاً، ولكن خَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ ليسوا فقط أضاعوا الصلاة بل وأضاعوا التوحيد، لأنهم فهموا هذه الكلمة الطيبة بالمعنى الأول الضيق لا إله إلا الله: لا رب إلا الله، ونحن نرى رسائل في العصر الحاضر مؤلفة ومطبوعة وفسرت هذه الكلمة الطيبة بهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>