وأما كفرهم بتوحيد الألوهية-الذي هو المراد من هذه الشهادة-؛ فأقرأ قوله تعالى:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} وكانوا إذا دعاهم - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الإيمان بهذه الشهادة؛ يقولون:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}(ص:٥).
وكذلك كان كفر من قبلهم من المشركين؛ كانوا يكفرون بتوحيد الألوهية, وإلى هذا التوحيد كان يدعوهم أنبياؤهم - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ كما قال تعالى:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}(الأعراف:٦٥). {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}(الأعراف:٧٠) وقال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ... } الآية (هود:٦١). {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}(هود: ٦٢). وقال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ}. أي قائلين لأممهم: أن اعبدوا الله وحده. فأفاد بقوله: في كل أمة: أن جميع الأمم لم تُرسل إليهم الرسلُ إلا لطلب توحيد العبادة, لا للتعريف بأنه هو الخالق للعالَم, وأنه رب السماوات والأرض؛ فإنهم كانوا مُقِرّين بهذا بباعث الفطرة-كما سبق عن الجاهليين-؛ ولهذا لم ترد الآيات في ذلك في الغالب؛ إلا