ولما كان حديث ابن عباس حجة قاطعة في الموضوع؛ غمز في صحته الطحاوي تعصباً لمذهبه- مع الأسف-! وزعم أنه وهم من ابن عيينة قال (٤/ ١٦): "لأنه كان يحدث من حفظه؛ فيحتمل أن يكون جعل مكان (اليهود والنصارى): (المشركين)(!) ولم يكن معه من الفقه ما يميزبه بين ذلك "! كذا قال سامحه الله! فإنه يعلم أن تحديث الحافظ الثقة- كابن عيينة-من حفظه ليس بعلة؛ بل هو فخر له، وأن تخطئة الثقة بمجرد الاحتمال ليس من شأن العلماء المنصفين، ولكنها العصبية المذهبية؛ نسأل الله السلامة! وعلى مذهب الطحاوي هذا يمكن أن يغفر الله الكفر لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}!!
وبهذه الآية احتج ابن حزم رحمه الله على أبي حنيفة الذي هو مَتبوعُ الطحاويُ في التفريق المزعوم؛ فقال عقبها (٤/ ٢٤٤): "فلو كان ههنا كفر ليس شركاً؛ لكان مغفوراً لمن شاء الله تعالى بخلاف الشرك، وهذا لا يقوله مسلم ".ثم أتبع ذلك بأدلة أخرى قوية جداً، ثم قال:
"فصح أن كل كفر شرك، وكل شرك كفر، وأنهما اسمان شرعيان، أوقعهما الله تعالى على معنى واحد".ولولا خشية الإطالة؛ لنقلت كلامه كله لنفاسته وعزته، فليراجعه من شاء المزيد من العلم والفقه.
والخلاصة أن الحديث ضعيف الإسناد، منكر المتن، وأن الاستعانة بأهل الكتاب في جهاد الكفار يشملها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنا لا نستعين بمشرك».