هو الضار وهو النافع، فهم كانوا يؤمنون بما كان يسمى عند العلماء بتوحيد الربوبية، لكن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة هؤلاء الناس جميعاً إلى عبادته وحده لا شريك له، ليس إلى اعتقاد أنه واحد في ذاته، وأنه لا خالق معه، لاحظ الاعتقاد كانوا يؤمنون به بصريح القرآن الكريم، وإنما الذين كانوا يكفرون به أن هناك أشخاصاً مخلوقين ويستحقون أن يعبدوا مع الله تبارك وتعالى، وهذا صريح في القرآن، حيث قال عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}(الأعراف: ١٩٤)، الذين تدعونهم في الشدة هم عباد أمثالكم.
{إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ}(فاطر: ١٤)؛ لأنهم يعتقدون أنهم عبيد، ولذلك قال عز وجل في الآية الأخرى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}(الزمر: ٣).
هؤلاء المشركين الذين اتخذوا من دون الله أولياء إذا سئلوا: لماذا تعبدونهم من دون الله، قالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
إذاً: هم يؤمنون بأن المعبود الحق هو واحد لا شريك له في العبادة، ولكنهم من ضلالهم أنهم اتخذوا من بعض الصالحين أولياء يعبدونهم، يتوجهون إليهم بالدعاء والاستغاثة والركوع والسجود، لماذا؟
هم أجابوا بأنفسهم وألسنتهم:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
فإذاً: المشركون الذين كانوا في عهد الرسول عليه السلام ما كان الخلاف بينهم وبين الرسول هو في أن الخالق واحد والرازق واحد، والمحيي واحد، والمميت واحد، هذا كانوا يؤمنون به، ولكن الخلاف كان في أنهم عبدوا غير الله عز وجل، خضعوا لغير الله عز وجل، فأشركوا مع الله في العبادة، وليس في