للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: حديث أبي أمامة: «لما خلق الله الخلق وقضى القضية، أخذ أهل اليمين بيمينه، وأهل الشمال بشماله، فقال: ... ألست بربكم، قالوا: بلى ... ».

ففي ذلك رد على قول ابن القيم أيضا في كتاب " الروح " (ص ١٦١) بعد أن سرد طائفة من الأحاديث المتقدمة: " وأما مخاطبتهم واستنطاقهم وإقرارهم له بالربوبية وشهادتهم على أنفسهم بالعبودية- فمن قال من السلف فإنما هو بناء منه على فهم الآية، والآية لم تدل على هذا بل دلت على خلافه ".

وقد أفاض جداًّ في تفسير الآية وتأويلها تأويلا ينافي ظاهرها بل ويعطل دلالتها أشبه ما يكون بصنيع المعطلة لآيات وأحاديث الصفات حين يتأولونها، وهذا خلاف مذهب ابن القيم رحمه الله الذي تعلمناه منه ومن شيخه ابن تيمية، فلا أدري لماذا خرج

عنه هنا لاسيما وقد نقل (ص ١٦٣) عن ابن الأنباري أنه قال: " مذهب أهل الحديث وكبراء أهل العلم في هذه الآية أن الله أخرج ذرية آدم من صلبه وصلب أولاده وهم في صور الذر فأخذ عليهم الميثاق أنه خالقهم وأنهم مصنوعون، فاعترفوا بذلك وقبلوا، وذلك بعد أن ركب فيهم عقولا عرفوا بها ما عرض عليهم كما جعل للجبل عقلا حين خوطب، وكما فعل ذلك للبعير لما سجد، والنخلة حتى سمعت وانقادت حين دعيت".كما نقل أيضا عن إسحاق بن راهويه: "وأجمع أهل العلم أن الله خلق الأرواح قبل الأجساد، وأنه استنطقهم وأشهدهم".

قلت: وفي كلام ابن الأنباري إشارة لطيفة إلى طريقة الجمع بين الآية والحديث وهو قوله: "إن الله أخرج ذرية آدم من صلبه وأصلاب أولاده". وإليه

<<  <  ج: ص:  >  >>