للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أن يصلي فيها اتفاقا لا قصدا للقبر.

ففي الحالة الأولى لا شك في تحريم الصلاة فيها بل وبطلانها، لأنه إذا نهى - صلى الله عليه وآله وسلم - عن بناء المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، فالنهي عن قصد الصلاة فيها أولى والنهي هنا يقتضي البطلان كما سبق قريباً.

كراهة الصلاة في المساجد المذكورة ولو لم تُقصد من أجل القبر

كراهة الصلاة في المساجد المذكورة ولو لم تقصد من أجل القبر كراهة الصلاة في المساجد المذكورة ولو لم تقصد من أجل القبر

وأما في الحالة الثانية، فلا يتبين لي الحكم ببطلان الصلاة فيها، وإنما الكراهة فقط، لأن القول بالبطلان في هذه الحالة لا بد له من دليل خاص، والدليل الذي أثبتنا به البطلان في الحالة السابقة إنما صح بناء على النهي عن بناء المسجد على القبر، فيصح القول بأن قصد الصلاة في هذا المسجد يبطلها، وأما القول ببطلان الصلاة فيه دون قصد، فليس عليه نهي خاص يكمن الاعتماد عليه فيه ولا يمكن أن يقاس عليه قياسا صحيحا بله أولوياً.

ولعل هذا هو السبب في ذهاب الجمهور إلى الكراهة دون البطلان، أقول هذا معترفا بأن الموضوع يحتاج إلى مزيد من التحقيق، وأن القول بالبطلان محتملٌ فمن كان عنده علم في شيءٍ من ذلك فليتفضل ببيانه مع الدليل مشكوراً مأجوراً.

وأما القول بكراهة الصلاة في المساجد المبنية على القبور، فهذا أقل ما يمكن أن يقوله الباحث وذلك لأمرين:

الأول: أن في الصلاة فيها تشبهاً باليهود والنصارى الذين كانوا ولا يزالون يقصدون التعبد في تلك المساجد المبنية على القبور! (١).


(١) قرأت مقالا في مجلة «المختار» عدد مايو ١٩٥٨ م تحت عنوان «الفاتيكان المدينة القديمة المقدسة» يصف فيه كاتبه «رونالد كارلوس بيتي» كنيسة بطرس في هذه المدينة فيقول (ص ٤٠):
«إن كنيسة بطرس هي أكبر كنيسة من نوعها في العالم المسيحي، تقوم على ساحة مكرسة للعبادة المسيحية منذ أكثر من سبعة عشر قرناً، إنها قائمة على قبر القديس نفسه: صياد السمك، حواري المسيح، وتحت أرضيها يقع تيه من المقابر الأثرية والخرائب الرومانية القديمة».
ثم ذكر أنه يقصدها نحو مائة ألف في أيام الأعياد الكبيرة للعبادة. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>