«قال علماؤنا (المالكية): وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد».وقال شيخ الإسلام أيضاً في «تفسير سورة الإخلاص»:
«قال العلماء: يحرم بناء المساجد على القبور. ويجب هدم كل مسجد بني على قبر، وإن كان الميت قد قبر في مسجد، وقد طال مكثه؛ سوي القبر حتى لا تظهر صورته، فإن الشرك إنما يحصل إذا ظهرت صورته، ولهذا كان مسجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أولاً مقبرة للمشركين، وفيها نخل، وخرب، فأمر بالقبور فنبشت، وبالنخل فقطع، وبالخرب فسويت، فخرج عن أن يكون مقبرة فصار مسجداً، ولما كان اتخاذ القبور مساجد وبناء المساجد عليها محرماً لم يكن شيء من ذلك على عهد الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولم يكن يعرف قط مسجد على قبر».
هذا وقد يتوهم أن المحذور إنما هو اتخاذ المساجد على القبور بعد الدفن لا لو بني المسجد أولاً، وجعل القبر في جانبه ليدفن فيه واقف المسجد أو غيره، قال الشوكاني:
«قال العراقي: والظاهر أنه لا فرق، وإنه إذا بني المسجد لقصد أن يدفن في بعضه أحد فهو داخل في اللعنة، بل يحرم الدفن في المسجد وإن شرطوا أن يدفن فيه لم يصح الشرط لمخالفته لمقتضى وقفه مسجداً، والله أعلم».
فإن قيل: فما قصة قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإنا نراه الآن في مسجده - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ قلت: الجواب في شرح مسلم للنووي حيث قال:
«قال العلماء: إنما نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجداً؛ خوفاً من المبالغة في التعظيم والافتتان به، فربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية، ولما احتاجت الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين والتابعون