للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادات الخاصة بالله تعالى كالاستغاثة والسجود، كما هو واقع في أكثر المساجد المبنية على القبور، وهو مشاهد، فنهى عن ذلك سداًّ للذريعة، فهو كالنهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة المكروهة تحريماً، بل المفسدة في تلك المساجد أوضح وأظهر منها في هذه الأوقات كما يشهد به الواقع.

وهذا كله فيمن لم يقصد الصلاة في تلك المساجد، وأما قصدها لأجل صاحب القبر متبركاً به معتقداً أن الصلاة عنده أفضل من الصلاة في المساجد المجردة عن القبور فهو عين المشاقة والمحادة لله ولرسوله، وهذه الصلاة حقيق بها قول من قال ببطلانها، كما يأتي عن بعض العلماء.

وإن مما يتعجب منه المؤمن البصير في دينه تهاون أكثر الفقهاء بهذه المسألة الخطيرة، حيث إنهم لم يتعرضوا لها بذكر صريح في كتبهم وفتاويهم فيما علمت، ولذلك كان من العسير إقناع المقلدين بها على وضوح الحجة فيها، وأنى لهم أن يأخذوا بها وهم أو أكثرهم يقدمون قول الإمام- بل قول بعض أتباعه ولو من المتأخرين- على قول الله تعالى وقول رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولذلك سأُعنى بصورة خاصة بنقل بعض أقوال العلماء المحققين حول هذه المسألة ليعلم الواقف على كتابنا هذا أننا لم نأت بشيء من عندنا بدعة في الدين، ولم نسيء فهم أحاديث سيد المرسلين، بل هو الحق من ربك، فلا تكونن من الممترين.

وقد اعتنَى بهذه المسألة عناية خاصة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيراً، فقلما ترى كتاباً له لا يتعرض فيه لهذه المسألة بإسهاب أو اختصار، ولذلك فسأنقل عنه ما يناسب المقام من أقواله وفتاويه مع بعض اختصار وتلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>