للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك لما نهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد فنهى عن قصدها للصلاة عندها لئلا يفضي ذلك إلى دعائهم والسجود لهم- كان دعاؤهم والسجود لهم أعظم تحريماً من اتخاذ قبورهم مساجد».

وقال في «الاقتضاء»:

«فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم يتعين إزالتها بهدم أو بغيره، وهذا ما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء المعروفين، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه، ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب، لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك، ولأحاديث أخرى، وليس في هذه المسألة خلاف لكون المدفون فيها واحداً، وإنما اختلف أصحابنا في المقبرة المجردة عن مسجد هل حَدُّها ثلاثة أقبر، أو ينهى عن الصلاة عن القبر الفذ وإن لم يكن عنده قبر آخر؟ على وجهين (قلت: ورجح شيخ الإسلام في كتاب آخر النهي ولو عند القبر الواحد وقد سبق ذلك ثم قال:) وقد كانت البنية التي على قبر إبراهيم عليه السلام مسدودة لا يدخل إليها إلى حدود المائة الرابعة، فقيل: إن بعض النسوة المتصلات بالخلفاء رأت في ذلك مناماً فنقبت لذلك، وقيل: إن النصارى لما استولوا على هذه النواحي نقبوا ذلك ثم ترك مسجداً بعد الفتوح المتأخرة، وكان أهل الفضل من شيوخنا لا يصلون في مجموع تلك البنية، وينهون أصحابهم عن الصلاة فيها اتباعاً لأمر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، واتقاءً لمعصيته كما تقدم».

ثم قال فيه:

«فإن نهيه عن اتخاذ القبور مساجد يتضمن النهي عن بناء المساجد عليها وعن قصد الصلاة عندها، وكلاهما منهي عنه باتفاق العلماء، فإنهم قد نهوا عن بناء المساجد على القبور، بل صرحوا بتحريم ذلك كما دل عليه النص، واتفقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>