للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد كتابة ما تقدم رجعت إلى «شرح المشكاة» المسمى: «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للشيخ علي القاري، فتبين لي أن الطحطاوي نقل جل كلامه، ولكنه أساء في النقل، وقدم وأخر بحيث أخل بالمعنى، ولزم منه ما أشرنا إليه من المحاذير، وتبين منه أيضاً وتحقق أن الاستثناء إنما نقله عن بعض من ذهب إلى التعليل بالنجاسة، وعليها جاء التفصيل الذي ذكره الطحطاوي في قوله: «وسواء ... » إلخ وهو نقله من كلام ابن حجر- يعني الهيتمي- ونص كلامه

في ذلك:

«أشار الشارح إلى استشكال الصلاة عند قبر إسماعيل عليه السلام بأنها تكره في المقبرة، وأجاب بأن محلها مقبرة منبوشة لنجاستها، وكله غفلة عن قولهم: يستثنى مقابر الأنبياء فلا يكره الصلاة فيها مطلقاً؛ لأنهم أحياء في قبورهم، وعلى التنزل فجوابه غير صحيح؛ لتصريحهم بكراهة الصلاة في مقبرة غير الأنبياء وإن لم تنبش؛ لأنه محاذ للنجاسة، ومحاذاتها في الصلاة مكروهة، سواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه» اهـ. ما في «المرقاة».

وأما ما احتج به الطحطاوي تبعا لشرح «المشكاة» من أفضلية الصلاة عند قبر إسماعيل عليه السلام، وقبر السبعين نبياًّ، فقد أجاب عنه القاري نفسه في الشرح المذكور بقوله:

«وفيه أن صورة قبر إسماعيل وغيره مندرسة، فلا يصلح للاستدلال به».

ونحن نقول: هب أنها غير مندرسة فذلك لا يدل على أن فضيلة الصلاة إنما هو من أجلها، ألا ترى أن مسجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة فيه بألف صلاة مما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام كما صح عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ ومن المعلوم أنه قال ذلك قبل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>