للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكن، لكن المقصود الأكبر بالنهي عن الصلاة عند القبور ليس هو هذا؛ فإنه قد بين أن اليهود والنصارى كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً». ثم قال: «وروي عنه أنه قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ثم ذكر حديث عائشة وغيره مما تقدم وحديث جندب الآتي: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» ثم قال:

«فهذا كله يبين لك أن السبب ليس هو مظنة النجاسة، وإنما هو مظنة اتخاذها أوثاناً كما قال الشافعي رضي الله عنه: وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه، وعلى من بعده من الناس. وقد ذكر هذا المعنى أبو بكر الأثرم في «ناسخ الحديث ومنسوخه» وغيره من أصحاب أحمد وسائر العلماء فإن قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو الرجل الصالح لم يكن ينبش، والقبر الواحد لا نجاسة عليه، وقد نبه هو - صلى الله عليه وآله وسلم - على العلة بقول: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» وبقوله: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد فلا تتخذوها مساجد» وأولئك إنما كانوا يتخذون قبوراً لا نجاسة عندها، ولأنه قد روى مسلم في «صحيحه» عن أبي مرثد الغنوي أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها».ولأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» فجمع بين التماثيل والقبور.

وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك».

وقال فيما بعد وقد ذكر العلة الأولى:

«وهذه العلة في صحتها نزاع لاختلاف العلماء في نجاسة تراب القبور وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>