للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادساً: زعم بعضهم أن المنع من اتخاذ القبور مساجد إنما كان لعلة خشية الافتتان بالمقبور، ثم زالت برسوخ التوحيد في قلوب المؤمنين، فزال المنع!

فكيف التوفيق بين هذه الأمور والتحريم المذكور؟

وجواباً على ذلك أقول وبالله تعالى أستعين:

الجواب عن الشبهة الأولى:

أما الشبهة الأولى فالجواب عنها من ثلاثة وجوه:

الأول: أن الصحيح المتقرر في علم الأصول أن شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا لأدلة كثيرة (١) منها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحدا من الأنبياء قبلي ... (فذكرها، وآخرها) وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة» (٢).

فإذا تبين هذا فلسنا ملزمين بالأخذ بما في الآية لو كانت تدل على أن جواز بناء المسجد على القبر كان شريعة لمن قبلنا!

الثاني: هب أن الصواب قول من قال: «شريعة من قبلنا شريعة لنا» فذلك مشروط عندهم بما إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه وهذا الشرط معدوم هنا لأن الأحاديث تواترت في النهي عن البناء المذكور كما سبق فذلك دليل على أن ما في الآية ليس شريعة لنا.

الثالث: لا نسلم أن الآية تفيد أن ذلك كان شريعة لمن قبلنا غاية ما فيها أن جماعة من الناس قالوا: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} فليس فيها التصريح بأنهم كانوا


(١) انظر إن شئت المطولات من كتب علم الأصول وخاصة «الإحكام» لابن حزم. [منه].
(٢) أخرجه البخاري ومسلم وهو مخرج في «إرواء الغليل» (رقم ٢٨٥). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>