للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وراء ذلك مفسدة كما هو مشاهد حيث ترى الوثنيات والشركيات إنما تقع عند القبور المشرفة، حتى ولو كانت مزورة! لا عند القبور المندرسة، ولو كانت حقيقية، فالحكمة تقتضي التفريق بين النوعين، وهذا ما جاءت به الشريعة كما بينا سابقاً، فلا يجوز التسوية بينهما، والله المستعان.

الجواب عن الشبهة الخامسة:

أما بناء أبي جندل رضي الله عنه مسجداً على قبر أبي بصير رضي الله عنه في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فشبهة لا تساوي حكايتها ولولا أن بعض ذوي الأهواء من المعاصرين اتكأ عليها في رد تلك الأحاديث المحكمة لما سمحت لنفسي أن أسود الصفحات في سبيل الجواب عنها وبيان بطلانها والكلام عليها من وجهين:

الأول: رد ثبوت البناء المزعوم من أصله، لأنه ليس له إسناد تقوم الحجة به، ولم يروه أصحاب «الصحاح» و «السنن» و «المسانيد» وغيرهم وإنما أورده ابن عبد البر في ترجمة أبي بصير من «الاستيعاب» (٤/ ٢١ - ٢٣) مرسلا فقال:

«وله قصة في المغازي عجيبة ذكرها ابن إسحاق وغيره وقد رواها معمر عن ابن شهاب. ذكر عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب في قصة القضية عام الحديبية، قال:

ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلت قريش في طلبه رجلين، فقالا لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:

العهد الذي جعلت لنا أن ترد إلينا كل من جاءك مسلماً، فدفعه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الرجلين فخرجا حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمرٍ لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا جيداً يا فلان! فاستله الآخر، وقال: أجل

<<  <  ج: ص:  >  >>