ينهى أن يتحرى استقبالها وقت الدعاء. ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح، سواء كانت في المشرق أو غيره، وهذا ضلال بين، وشر واضح، كما أن بعض الناس يمتنع من استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين، وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت الله. وقبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -! وكل هذه الأشياء من البدع التي تضارع دين النصارى).
وذكر قبل ذلك بسطور عن الإمام أحمد وأصحاب مالك أن المشروع استقبال القبلة بالدعاء حتى عند قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد السلام عليه. وهو مذهب الشافعية أيضا، فقال النووي في (المجموع)(٥/ ٣١١ (:
وقال الإمام أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني- وكان من الفقهاء المحققين- في كتابه في (الجنائز): (ولا يستلم القبر بيده: ولا يقبله).قال:(وعلى هذا مضت السنة).قال: واستلام القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الآن من المبتدعات المنكرة شرعا، ينبغي تجنب فعله، وينهى فاعله) قال:(فمن قصد السلام على ميت سلم عليه من قبل وجهه، وإذا أراد الدعاء تحول عن موضعه، واستقبل القبلة).وهو مذهب أبي حنيفة أيضا، فقال شيخ الإسلام في (القاعدة الجليلة، في التوسل والوسيلة)(ص ١٢٥):
(ومذهب الأئمة الأربعة: مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الإسلام أن الرجل إذا سلم على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة، واختلفوا في وقت السلام عليه، فقال الثلاثة مالك والشافعي وأحمد: يستقبل الحجرة ويسلم عليه من تلقاء وجهه، وقال أبو حنيفة: لا يستقبل الحجرة وقت السلام كما لا يستقبلها وقت الدعاء باتفاقهم، ثم في مذهبه قولان: قيل: يستدبر الحجرة، وقيل يجعلها عن يساره. فهذا نزاعهم في وقت السلام. وأما في