١١٨):(رواه البزار والطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح).
وقد أخرجه ابن ماجه (١/ ٤٧٦ - ٤٧٧) من هذا الوجه لكنه جعله من مسند عبد الله ابن عمر، وقال البوصيري في (الزوائد)(ق ٩٨/ ٢): (إسناده صحيح، رجاله ثقات).
قلت: لكنه شاذ، والمحفوظ أنه من مسند سعد كما بينته في (سلسلة الأحاديث الصحيحة)(١٨).
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ:(إذا مررتم بقبورنا وقبوركم من أهل الجاهلية، فأخبروهم أنهم من أهل النار).رواه ابن السني في (اليوم والليلة)(رقم ٥٨٧) بسند فيه يحيى بن يمان وهو سيئ الحفظ عن محمد بن عمر، ولم أعرفه عن أبي سلمة عنه. لكن الظاهر انه (ابن عمرو) بفتح العين وسكون الميم ثم واو بعد الراء، سقط من الطابع حرف الواو. وهو حسن الحديث.
وما ذكرنا في هذه المسألة هو مذهب الحنابلة كما في (كشاف القناع)(٢/ ١٣٤) وغيره من كتبهم.
- ولا يمشي بين قبور المسلمين في نعليه، لحديث بشير بن الحنظلية قال:(بينما أماشي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ... أتى على قبور المسلمين ... فبينما هو يمشي إذ حانت منه نظرة، فإذا هو برجل يمشي بين القبور عليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك، فنظر، فلما عرف الرجل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خلع نعليه، فرمى بهما) أخرجه أصحاب السنن وغيرهم، وقد مضى بتمامه في المسألة (٨٨)(١).
(١) قال الحافظ في (الفتح) (٣ - ١٦٠): (والحديث يدل على كراهة المشي بين القبور بالنعال، وأغرب ابن حزم فقال: يحرم المشي بين القبور بالنعال السبتية دون غيرها! وهو جمود شديد. وأما قول الخطابي يشبه أن يكون النهي عنهما لما فيهما من الخيلاء، فإنه متعقب بأن ابن عمر كان يلبس النعال السبتية، ويقول: إن النبيص كان يلبسها. وهو حديث صحيح. وقال الطحاوي: (يحمل نهي الرجل المذكور على أنه كان في نعليه قذر، فقد كان النبيص يصلي في نعليه ما لم ير فيهما أذى).قلت: وهذا الاحتمال بعيد، بل جزم ابن حزم (٥/ ١٣٧) ببطلانه، وأنه من التقول على الله! والاقرب أن النهي من باب احترام الموتى، فهو كالنهي عن الجلوس على القبر الاتي في المسألة (١٢٨ فقرة ٦)، وعليه فلا فرق بين النعلين السبتيتين وغيرهما من النعال التي عليها شعر، إذ الكل في مثابة واحدة في المشي فيها بين القبور ومنافاتها لاحترامها، وقد شرح ذلك ابن القيم في (تهذيب السنن) (٤/ ٣٤٣ - ٣٤٥) ونقل عن الامأم أحمد أنه قال: (حديث بشير إسناده جيد، أذهب إليه إلا من علة).وقد ثبت أن الامام أحمد كان يعمل بهذا الحديث، فقال أبو داود في مسائله (ص ١٥٨): (رأيت أحمد إذا تبع الجنازة فقرب من المقابر خلع نعليه).فرحمه الله، ما كان أتبعه للسنة.