للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشجار على مقابرهم أو قبورهم بزعم أنها تخفف العذاب عن أولئك الأموات بسبب أن هذا الشجر الأخضر يسبح الله عز وجل، وبهذا التسبيح يخفف العذاب عن أهل القبور، هذا الحديث الصحيح لا يدل على هذا التعليل الذي لا أصل له في الشرع أولاً، بل الحديث الذي سألت عنه يدل على أن هذا الغصن الرطب الذي وضعه الرسول عليه السلام لم يكن سبباً لتخفيف العذاب حتى يصح أن يتخذ هذا السبب نظاماً ويطبق في مقابر المسلمين، وإنما يدل على أن رطابة هذا الغصن إنما كان علامة وتحديداً لزمن تخفيف العذاب عن أولئك المقبورين؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سئل عما فعل من وضع الغصنين على القبرين، قال: «لعل الله أن يخفف عنهما ماداما رطبين»، هذا حديث البخاري ومسلم، وهناك رواية من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سئل أجاب: بأن الله عز وجل قبل شفاعته عليه السلام أن يخفف العذاب مادام الغصن رطباً، إذاً ما هو السبب في التخفيف؟ شفاعة الرسول أي: دعاء الرسول، إذاً: الرطابة هذه ليست هي السبب، إنما هي علامة، ماداما رطبين فالعذاب مخفف، هذا صريح في الحديث، لكن هناك أشياء استنباطية نظرية سليمة تؤكد هذا المنصوص في الحديث، أول ذلك: لو كان مجرد وضع الغصن الأخضر على القبر سبباً لتخفيف العذاب لجرى السلف الأول على اتخاذ هذه الوسيلة تخفيفاً للعذاب، وإذ لم يفعلوا، فهذا دليل أنهم لم يفهموا ذلك الفهم الخلفي أن سبب التخفيف هو رطابة الغصن هذا شيء، وشيء ثانٍ: لو أن ذلك يكون سبباً شرعياً لتخفيف العذاب فهنيئاً للكفار الذين أصبحت مقابرهم حدائق غناء، فإذاً يخفف عنهم العذاب بسبب هذه العلة المبتدعة المختلقة التي لا أصل لها في السنة، وثالثاً وأخيراً: ربنا عز وجل يقول: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>