قيل:«إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن»، وأسوتهم في ذلك-إن فعلوا-رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي هدم مسجد الضرار وحرقه على أهله كما جاء في تفاسير القرآن الكريم ن عند قوله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} الآية، فقد استدل بها العلماء على النهي عن الصلاة فيمن بني المساجد مباهاة أو لغرض سوى ابتغاء وجه الله عز وجل، فهذه المقامات أولى بالهدم والحرق لأنها لا تقصد إلا لوجه الشيطان نسأل الله السلامة من أوليائه!
٢ - لقد أشار المؤلف الفاضل في أول كتابه إلى اختلاف العلماء في نبوة الخضر عليه الصلاة والسلام فقال «والراجح من أقوالهم أنه ليس نبياً».
ولما كان هذا القول مرجوحاً عند العلماء المحققين، فقد رأيت أن أذكر شيئاً من أقوالهم وأدلتهم، تنبيهاً وتذكيراً، فأقول:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في أول رسالته «الزهر النضر»:
«باب ما ورد في كونه نبياً، قال الله تعالى في خبره عن موسى حكاية
عنه:{وما فعلته عن أمري}، وهذه ظاهرة أنه فعله بأمر من الله، والأصل
عدم الوساطة، ويحتمل أن يكون بوساطة نبي آخر لم يذكره، وهو بعيد، ولا سبيل إلى القول بأنه إلهام، لأن ذلك لا يكون من غير نبي وحياً حتى يعمل به ما
عمل؛ من قتل النفس، وتعريض الأنفس للغرق. فإن قلنا: إنه نبي، فلا إنكار
في ذلك.
وأيضاً، كيف يكون غير النبي أعلم من النبي، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في