للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحب بل يكره للمقيمين بالمدينة الوقوف عند القبر للسلام أو غيره لأن السلف من الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك إذا دخلوا المسجد للصلوات الخمس وغيرها على عهد الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فإنهم كانوا يصلون بالناس في المسجد، وكان الناس يقدمون من الأمصار يصلون معهم، ومعلوم أنه لو كان مستحباً لهم أن يقفوا حذاء القبر ويسلموا أو يدعوا أو يفعلوا غير ذلك لفعلوا ذلك، ولو فعلو لكثر وظهر واشتهر. لكن مالك وغيره خصوا من ذلك عند السفر لما نقل عن ابن عمر، قال القاضي عياض: قال مالك: ولا بأس لمن قدم من سفر أو خرج على سفر أن يقف على قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر. قيل له: فإن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر، ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة وفي الأيام المرة أو المرتين أو أكثر من ذلك عند القبر يسلمون ويدعون ساعة؟ فقال: لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا، وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده».

٢ - قال النووي «في كتابه» مناسك الحج» (٢٩/ ٢ - مخطوط):

«كره مالك رحمه الله لأهل المدينة كلما دخل أحدهم وخرج الوقوف على القبر. قال وإنما ذلك للغرباء. قال ولا بأس لمن قدم من سفر وخرج إلى سفر أن يقف عند قبر النبي^ فيصلي عليه، ويدعو له ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما قال الباجي: فرق مالك بين أهل المدينة والغرباء لأن الغرباء قصدوا ذلك، وأهل المدينة مقيمون بها، وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم - اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد».

قلت: وهذه الأقوال من الإمام النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية، صريحة في

<<  <  ج: ص:  >  >>