للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلام كثير منهم، فإنهم يذكرون الحج ويقولون: يستحب للحاج أن يزور قبر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ... والمقصود أن كل من قصد السفر إلى المدينة فعليه أن يقصد السفر إلى المسجد والصلاة فيه كما إذا سافر إلى المسجد الحرام والمسجد الأقصى وإذا قصد السفر إلى القبر دون المسجد وجعل المسجد لا يسافر إليه إلا الأجل القبر، واعتقد أن السفر إليه تبعا للقبر كما يسافر إلى قبور سائر الصالحين ويصلي في مساجد هناك، فمن جعل السفر إلى مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقبره كالسفر إلى قبور هؤلاء والمساجد التي عندهم فقد خالف إجماع المسلمين، وخرج عن شريعة سيد المرسلين وما سنه لأمته الغر الميامين بخلاف الذي قصد المسجد" (١).

وقال علامة حضرموت ومفتيها السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف: "نص إمام الحرمين - ومثله القاضي حسين - على تحريم السفر لزيارة القبور، واختاره القاضي عياض بن موسى بن عياش في إكماله وهو من أفضل متأخري المالكية. وقام وقعد في ذلك الشيخ الإمام ابن تيمية، وخَطَّأهُ قومٌ وصَوَّبَهُ آخرون، ومهما يكن من الأمر فَلْيَسَعَهُ ما وسع الجويني والقاضيين حسين وعياضًا، ولكنهم أفردوه باللوم! والقولُ واحدٌ. وقال مالك بن أنس: من نَذر المشي إلى مساجد من المساجد ليصلي فيه كرهتُ ذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة". وقال ابن سريج - من كبار أصحاب الشافعي - إن الزيارة قربة تلزم بالنذر. والخطب يسير لم يُوَسِّعْهُ إلا الحسد والتعصب، وإلا فالتثريب في موضع الاختلاف ممنوع" (٢).

قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني: "والحديث دليلٌ على فضيلة المساجد هذه ودلَّ بمفهوم الحصر أنه يحرم شد الرحال لقصد غير الثلاثة كزيارة الصالحين أحياءً وأمواتًا لقصد التقرب ولقصد المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها


(١) الرد على الأخنائي ١٣، ١٥، ١٨.
(٢) إدام القوت ص ٥٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>