للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يعذبه إلا على إنكار ما قامت عليه الحجة الرسالية وذلك مثل قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء. ١٦٥]، قال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} [الأنعام: ١٣٠] (١).

وقال رحمه الله: "فمعلوم أن الحجة إنما تقوم بالقرآن على من بلغه، كقوله تعالى: {الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}، فمن بلغه بعض القرآن دون بعض، قامت الحجة عليه بما بلغه دون ما لم يبلغه" (٢).

وقال رحمه الله: "لكن من الناس من يكون جاهلًا ببعض هذه الأحكام جهلًا يعذر به، فلا يحكم بكفر أحد حتى تقوم عليه الحجة من جهة بلاغ الرسالة، كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء. ١٦٥]، ولهذا لو أسلم رجل، ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه، أو لم يعلم أن الخمر حرام، لم يكفر بعدم اعتقاد إيجاب هذا، وتحريم هذا، بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية" (٣).

ويقول ابن حزم رحمه الله: "وكل ما قلنا فيه أنه يفسق فاعله أو يكفر بعد قيام الحجة، فهو ما لم تقم الحجة عليه معذور مأجور وإن كان مخطئًا، وصفة قيام الحجة عليه أن تبلغه فلا يكون عنده شيء يقاومها وبالله التوفيق" (٤).

وقال ابن القيم رحمه الله: "أن العذاب يستحق بسببين:

أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها.

الثاني: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها.


(١) مجموع الفتاوى ١٢/ ٤٩٣.
(٢) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ١/ ٣١٠. وانظر مجموع الفتاوى ١٢/ ٤٩٣، ٤٩٤ والموافقات للشاطبي ٣/ ٣٧٧.
(٣) مجموع الفتاوى ١١/ ٤٠٦.
(٤) الإحكام لابن حزم ١/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>