للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الجازم المستلزم للعمل الذي يكون معه أمن.

والتصديق في اللغة إما أن يكون تصديقًا لخبر، وإما أن يكون تصديقًا لإنشاء، والإنشاء هو الأمر والنهي، فتصديق الأخبار بِاعتقادها وتصديق الأوامر والنواهي بِامتثال الأمر وبِالابتعاد عن النهي، قال جل وعلا في سورة الصافات {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٣، ١٠٥] فلما ابتدأ في العمل صار مصدقا للرؤيا.

قال ابن نصر المروزي في معنى التصديق: "هو المعرفة بِالله، والاعتراف له بِالربوبِية، بِوعده، ووعيده، وواجبِ حقه، وتحقيق ما صدق بِه من القول والعمل" (١).

والإيمان إذا عُدي بِاللام فإنه يكون بِالمعنى اللغوي الذي سبق بيانه كقوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت:٢٦]، وأما إذا عدي بِالباء فيراد بِه المعنى الشرعي كقول الله جل جلاله: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة:٢٨٥]، وقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ١٣٦]، وقوله تعالى: {آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا} [النساء:٤٧]، والآيات في هذا كثيرة.

والمعنى الشرعي: ما أجمع عليه السلف من أنه قول وعمل واعتقاد.

قال ابن رجب - رحمه الله تعالى -: "المشهور عن السلف وأهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ونية، وأن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان، وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابِعين ومن بعدهم ممن أدركهم، وأنكر السلف على من أخرج الأعمال عن الإيمان إنكارًا شديدًا ... " (٢)


(١) الصلاة ٢/ ٦٩٥.
(٢) جامع العلوم والحكم ١/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>