الصائب أن يجمع الناس على إمام واحد فكان هذا الفعل بالنسبة لتفرق الناس منه قبل بدعة، فهي بدعة اعتبارية إضافية، وليست بدعة مطلقة إنشائية أنشأها عمر -رضي الله عنه-، لأن هذه السنة كانت موجودة في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهي سنة لكنها تركت منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام حتى أعادها عمر -رضي الله عنه- وبهذا التقعيد لا يمكن أبدًا أن يجد أهل البدع من قول عمر هذا منفذًا لما استحسنوه من بدعهم" (١).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما قول عمر نعمت البدعة هذه فأكثر المحتجين بهذا لو أردنا أن نثبت حكما بقول عمر الذي لم يخالف فيه لقالوا قول الصاحب ليس بحجة فكيف يكون حجة لهم في خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة فلا يعتقده إذا خالف الحديث فعلى التقديرين لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب نعم يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يخالف على إحدى الروايتين فيفيدهم هذا حسن تلك البدعة أما غيرها فلا ثم نقول أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعية وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق وأما البدعة الشرعية فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي فإذا كان نص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته أو دل عليه مطلقا ولم يعمل به إلا بعد موته ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر -رضي الله عنه- فإذا عمل أحد ذلك العمل بعد موته صح أن يسمى بدعة في اللغة لأنه عمل مبتدأ كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمى بدعة ويسمى محدثًا في اللغة كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- المهاجرين إلى الحبشة إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم ولم يدخلوا في دين الملك وجاءوا بدين محدث لا يعرف،