للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن قتادة في قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} قال: "هم الأمراء أو قال السلاطين"" (١).

وقال المعلمي في بيان قول الله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ}: "والغالب أن الغلبة تكون سببًا للمعصية، والغالب في الأمم السابقة أن الغلبة إنما تكون للضالين، والغالب في الأمم السابقة أيضًا التكذيب بالآيات، والضلال فيها نوع من التكذيب بها، قال الله عزَّ وجلَّ: {مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣]، وقال تبارك وتعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (١٠٢)} [الأعراف: ١٠٢] وعلى كل حال فوصف هؤلاء بالغلبة مع وصف مقابليهم بما تقدم، يشعر بأنهم ذو جهل وغلو، واتخاذ المسجد لا ينافي الجهل والغلو كما لا يخفى" (٢).

ولا يقال في هذا المقام أننا غير متعبدين بشرع من قبلنا، أو أن شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا، فإن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد ليس من شرع الله قط، لا في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا في الأمم قبلها، ولو كان ذلك شرعًا من شرع الله لِمَنْ كان قبلنا لم يستحقوا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشيء فعلوه قد أتى به شرعهم الذي بُعثت به أنبياؤهم.

قال الألوسي رحمهُ اللهُ: "وكيف يمكن أن يكون اتخاذ المساجد على القبور من الشرائع المتقدمة مع ما سمعت من لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (٣).

وأخيرًا نقول: إن الاستدلال بهذه الآية على جواز اتخاذ المساجد على القبور مع


(١) الدر المنثور للسيوطي ٤/ ٣٩٢.
(٢) البناء على القبور للمعلمي ص ١٩.
(٣) روح المعاني للألوسي ٥/ ٢٣٧ - ٢٤٠. وانظر تفنيدها بالتفصيل في كتاب البناء على القبور للمعلمي ص ٨ وما بعدها. وتحذير الساجد ص ٦٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>