للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنسائي من وجه آخر عن عائشة قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أو خيبر -فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على بابها- قالت: فكشف ناحية الستر على بنات لعب لعائشة، فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " قالت: بناتي. قالت: ورأى فيها فرسًا مربوطًا له جناحان، فقال: "ما هذا؟ ". قلت: فرس له جناحان. قلت: ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة؟ فضحك -إلى أن قال- قال الخطابي في هذا الحديث: أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد، وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغة.

قلت (١): وفي الجزم به نظر، لكنه محتمل لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة، إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها. وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعًا، فيترجح رواية من قال: خيبر وجمع بما قال الخطابي، لأن ذلك أولى من التعارض (٢).

إذا عرفت (٣) ما ذكره "الحافظ" فالأحوط ترك اتخاذ اللعب المصورة لأن في حلها شك لاحتمال أن يكون إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة على اتخاذ اللعب المصورة قبل الأمر بطمس الصور فيكون ذلك منسوخًا بالأحاديث التي فيها الأمر بمحو الصور وطمسها إلا ما قطع رأسه، أو كان ممتهنًا كما ذهب إليه البيهقي وابن الجوزي، ومال إليه ابن بطال.

ويحتمل أنها مخصوصة من النهي كما قاله الجمهور لمصلحة التمرين، ولأن في لعب البنات بها نوع امتهان، ومع الاحتمال المذكور والشك في حلها الأحوط تركها، وتمرين البنات بلعب غير مصورة حسمًا لمادة بقاء الصور المجسدة،


(١) القائل هو الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-.
(٢) انظر: فتح الباري ١٠/ ٥٢٧.
(٣) لازال النقل موصولًا من الجواب المفيد للشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>