للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ "، فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ" (١).

قال النووي -رحمه الله-: "وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ " الفاعل في قوله أقالها هو القلب، ومعناه أنك إنما كلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان، وقال أفلا شققت عن قلبه لتنظر، هل قالها القلب واعتقدها وكانت فيه أم لم تكن فيه بل جرت على اللسان فحسب، يعني وأنت لست بقادر على هذا فاقتصر على اللسان فحسب ولا تطلب غيره" (٢).

وقال -رحمه الله- في تعليقه على قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أفلا شققت عن قلبه؟ ": "وفيه دليل على القاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام فيها بالظاهر والله يتولى السرائر" (٣).

قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-: "فأما حديث أسامة فإنه قتل رجلًا ادَّعى الإسلام لسبب أنه ظن أنه ما ادعاه إلا خوفًا على دمه وماله والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبيَّن منه ما يخالف ذلك، وأنزل الله في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} [النساء: ٩٤] أي: فتثبتوا، فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت، فإذا تبين منه بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل لقوله تعالى: {فَتَبَيَّنُوا}، ولو كان لا يقتل إذا قالها لم يكن للتثبيت معنى، إلى أن يقول: وإن من أظهر التوحيد والإسلام وجب الكف عنه إلى أن يتبين منه ما يناقض ذلك" (٤).


(١) أخرجه البخاري (٤٢٦٩)، (٦٨٧٢)، ومسلم (٩٦) واللفظ له.
(٢) مسلم بشرح النووي ٢/ ١٠٤.
(٣) مسلم بشرح النووي ٢/ ١٠٧.
(٤) كشف الشبهات ص ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>