للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموت أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية، فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه، أخرجت منه كل ما سوى الله محبة وتعظيما وإجلالا ومهابة وخشية وتوكلا، وحينئذ تحرق ذنوبه خطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر، وربما قلبتها حسنات، فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم، فلو وضع منه ذرة على جبال الذنوب والخطايا لقلبها حسنات" (١).

وقد تنوعت عبارات السلف في بيان فضل التوحيد إذ هو أشرف الغايات وعلمه أشرف العلوم.

قال شيخ الإسلام ابنُ تَيمِيَّةَ -رحمه الله تعالى-: "وأعظم ما دعا الله الخلق إليه في كتابه ودعت الرسل هو التوحيد وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو أصل دعوة الرسل وأساسها ورأسها وأكمل ما فيها وبه بعث الله جميع الرسل كما قد صرح به القرآن في أكثره فهو مملوء به وقد تواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أول ما دعا المشركين إلى كلمة التوحيد وأن بالإقرار بها يصير الرجل مسلما وبالامتناع عنها يصير كافرا ... فلا يصير الرجل مسلمًا حتى يشهد هذه الشهادة فإنها رأس الإسلام فهي واجبة في كل خطابة فكل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذمى ولهذا وجبت في التحيات وسميت التحيات تشهدا باسم التشهد الذي فيها وبها ختمت التحيات ... وعليها شرع الجهاد الذي هو سنام العمل ... وأهل هذه الكلمة هم السعداء ... وهذا باب واسع فلا يعرف في دين الأنبياء والمرسلين وأتباعهم من الأولين والآخرين، ولا كتب رب العالمين أمرًا أعظم من التوحيد وهو أول الكلمات العشر التي في التوراة ونظيرها الوصايا العشر التي في آخر الأنعام و أهل التوحيد هم المستحقون للشفاعة يوم القيامة ... " (٢).


(١) كلمة الإخلاص لابن رجب ص ٢١، وانظر: تيسير العزيز الحميد ص ٩٦.
(٢) الرد على البكري ص ٢٩٠ - ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>