للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن القيم في نونيّته:

"ما للعباد عليه حق واجب .. . هو أوجب الأجر العظيم الشان

كلّا ولا عمل لديه ضائع ... إن كان بالإخلاص والإحسان

إن عُذّبوا فبعدله أو نُعِّموا ... فبفضلِهِ والحمد للمنان" (١)

قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله في شرحه النونية: "وفي هذه الأبيات الثلاثة بيان لمذهب أهل السنة في أنه ليس للعباد حق واجب على الله، وأنه مهما يكن من حق فهو الذي أحقه وأوجبه، ولذلك لا يضيع عنده عمل قام على الإخلاص والمتابعة؛ فإنهما الشرطان الأساسيان لقبول الأعمال فإذا توفرا في عمل ما كان مقبولا بمقتضى وعده سبحانه وإيجابه، واستحق صاحبه الأجر المقدر له، فهو إن عذب العباد فبعدله، فإنه لا يجزي على السيئة إلا سيئة مثلها، فلا يظلم أحدا مثقال ذرة، وإن أنعم وأثاب فبفضله، فله الحمد أولًا وآخرًا" (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كون المطيع يستحق الجزاء، هو استحقاق إنعام وفضل، ليس هو استحقاق مقابلة كما يستحق المخلوق على المخلوق، فمن الناس من يقول: لا معنى للاستحقاق إلا أنه أخبر بذلك، ووعده صدق، ولكن أكثر الناس يثبتون استحقاقا زائدا على هذا كما دل عليه الكتاب والسنة. قال تعالى {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧]. ولكن أهل السنة يقولون: هو الذي كتب على نفسه الرحمة، وأوجب هذا الحق على نفسه لم يوجبه عليه مخلوق، والمعتزلة يدعون أنه واجب عليه بالقياس على الخلق، وأن العباد هم الذين أطاعوه بدون أن يجعلهم مطيعين له، وأنهم يستحقون الجزاء بدون أن يكون هو


(١) الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية شرح الدكتور محمد خليل هراس ٢/ ٩.
(٢) شرح القصيدة النونية للهراس ٢/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>