للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففيه هذه المفسدة فلو قدر أن فيه مصلحة لكانت هذه المفسدة راجحة فكيف ولا مصلحة فيه بخلاف الطلب منهم في حياتهم وحضورهم فإنه لا مفسدة فيه؛ فإنهم ينهون عن الشرك بهم بل فيه منفعة، وهو أنهم يثابون ويؤجرون على ما يفعلونه حينئذ من نفع الخلق كلهم فإنهم في دار العمل والتكليف وشفاعتهم في الآخرة فيها إظهار كرامة الله لهم يوم القيامة" (١).

وذكر المراتب الثلاث في الأدعية البدعية عند القبور ثم قال: "الثانية: أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين ادع الله لى أو ادع لنا ربك، أو اسأل الله لنا كما تقول النصارى لمريم وغيرها، فهذا أيضًا لا يستريب عالم أنه غير جائز، وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة، وإن كان السلام على أهل القبور جائزًا ومخاطبتهم جائزة كما كان النبي يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يغفر الله لنا ولكم، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم" (٢).

وقال رَحِمَه الله بعد ذلك: " ... فعلم أنه لا يجوز أن يسأل الميت شيئًا لا يطلب منه أن يدعو الله له ولا غير ذلك، ولا يجوز أن يشكي إليه شئ من مصائب الدنيا والدين، ولو جاز أن يشكي إليه ذلك في حياته فإن ذلك في حياته لا يفضى إلى الشرك وهذا يفضي إلى الشرك لأنه في حياته مكلف أن يجيب سؤال من سأله لما له في ذلك من الأجر والثواب وبعد الموت ليس مكلفًا بل ما يفعله من ذكر لله تعالى ودعاء ونحو ذلك، كما أن موسى يصلى في قبره وكما صلَّى الأنبياء خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج ببيت المقدس، وتسبيح أهل الجنة والملائكة. فهم يمتعون


(١) مجموع الفتاوى ١/ ١٨٠، ١٨١.
(٢) مجموع الفتاوى ١/ ٣٥٠، ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>